31-تموز-2017

سعدون الدليمي من خدمة فاضل البراك الى احضان المالكي

بغداد ـ العباسية نيوز

في الاخبار الواردة من بغداد، ان وزير دفاع ابراهيم الجعفري (2005) ونوري المالكي (2010 ـ 2014) سعدون جوير (الدليمي) سابقا، الريشاوي حاليا، شكل حزبا جديدا أسماه (وحدة ابناء العراق) وهو اسم جميل يوحي بوطنية مؤسسيه، ولكنه في حقيقته واجهة لحزب الدعوة برئاسة نوري المالكي الذي كلف أتباعه من المحسوبين على السنة العرب، بانشاء اكثر من حزب في المرحلة الراهنة استعداد للانتخابات النيابية المقبلة التي ان جرت فان موعدها سيكون في آذار أو نيسان من عام 2018.

وسعدون الدليمي او الريشاوي (لا فرق) ضابط أمن استعان به اللواء فاضل البراك مدير الامن العام (1978 ـ 1984) ليكون مسؤولا عن مركز التطوير الامني الذي أنشأه في ثمانينات القرن الماضي، ليكون في خدمة انشطة الامن الداخلي من خلال عقد الندوات لمنتسبي الامن العامة واصدار النشرات والدراسات والبحوث التي ترفع من مستواهم الثقافي والسياسي، وتعزز قدراتهم الامنية، وشهادة للتاريخ فان هذا المركز بادارة سعدون الدليمي واشراف فاضل البراك، لعب دورا بارزا في تقويض حزب الدعوة واخترافه في العمق وتحويل كثير من كوادره واعضائه الى متعاونين مع الاجهزة الامنية وفي مقدمتهم عبدالامير المنصوري عضو المكتب السياسي ومسؤول الجنوب والمشرف على الخط الجهادي (العسكري) للحزب، اضافة الى استقطاب عناصر ناشطة كانت تعمل في نقل البريد الحزبي بين العراق وايران، ابرزهم فائز سميسم الذي اغتالته المخابرات الايرانية.

ووفق مصادر في دائرة الامن العامة، فان سعدون الدليمي، نجح في تأهيل كثير من ضباط ومنتسبي الدائرة في كيفية الايقاع باعضاء حزب الدعوة وملاحقتهم ومتابعة نشاطاتهم التخريبية، ويعود الفضل اليه في تطبيق خطط (التشبيك) على اعضاء الحزب ومناصريه بدلا من المواجهة المباشرة معهم، الامر الذي أدى الى سقوط اعضاء وانصار كثيرين وتركهم العمل في صفوف حزب الدعوة، وانخراطهم في دائرة الامن كمخبرين ووكلاء.

وكان سعدون الدليمي، واحدا من ضباط الامن العراقيين الذين اوفدوا الى الكويت في عام 1983 للتعاون مع جهاز أمن الدولة الكويتي في كشف خلايا حزب الدعوة وملاحقة اعضائه الذين حاولوا اغتيال امير البلاد الشيخ جابر الاحمد، وسعوا الى تفجير سفارتي فرنسا والولايات المتحدة بالكويت، مما اضطر مسؤول الحزب في الكويت والمشرف على عمليات الاغتيال والتخريب فيها يومذاك، جمال جعفر ابراهيمي (ابو مهدي المهندس) الى الهرب الى ايران واللجوء اليها، وقد قدمت الحكومة الكويتية 500 سيارة من آحدث طراز (بيجو) الفرنسية هدية الى دائرة الامن العامة العراقية تقديرا لجهود ضباطها الذين بذلوا جهودا مضنية في كشف خطط حزب الدعوة في الكويت والتوصل الى الجناة. 

ونظرا لنجاحات الدليمي في عمله وتثمينا لاسهامه في خطة تحطيم حزب الدعوة الذي بات عاجزا عن القيام باي نشاط يذكر في اواسط الثمانينات، تقرر شموله ببعثة دراسية الى بريطانيا على حساب الامن العامة، للحصول على شهادة الدكتوراه في علم النفس من جامعة (تيل).

وخلال وجوده في بريطانيا، كان سعدون الدليمي ناشطا في لجان الاتحاد الوطني لطلبة العراق في الجامعات البريطانية وعضوا فاعلا في منظمات حزب البعث باعتباره (عضو قيادة فرقة) وعرف عنه في سنوات دراسته هناك، انه استطاع كشف ارتباط بعض الطلبة العراقيين بحزب الدعوة في جامعات كارديف واليستر واسسكس كولشستر، في حين توارى الطلبة الاسلاميون والشيوعيون العراقيون في جامعة (كيل) خوفا منه.

وقبل ان يناقش الدليمي اطروحة الدكتوراه في جامعته البريطانية، اجتاح العراق في الثاني من اب 1990 الكويت، وعمدت السلطات البريطانية الى طرد الطلبة المبتعثين العراقيين في جامعاتها وخصوصا البعثيين منهم، وكان من ضمنهم سعدون الدليمي الذي وصل الى العاصمة الاردنية في ايلول 1990 في طريقه الى بغداد مع مجموعة من العراقيين المطرودين من بريطانيا التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع العراق.

وفي عمان اتخذ سعدون الدليمي قرارا بالبقاء فيها وعدم التوجه الى بغداد، وقيل بهذا الصدد، انه كان يخشى من المساءلة عن ارتباطاته السابقة مع فاضل البراك الذي احيل على التقاعد في عام 1989 وخضع للمراقبة، وقد لجأ لتدبير أموره الحياتية والمعيشية في الاردن،  بالاشتغال في شركتين تجاريتين يديرهما طلال الكعود ومشعان الجبوري، وكثيرا ما شاهده زوار الشركتين وهو يحمل ملفات الاستيراد والتصدير ويتنقل بينهما معقبا تارة ومترجما تارة أخرى.

وعندما شكل صلاح عمر العلي واياد علاوي حركة الوفاق الوطني في نهاية عام 1990، انتظم سعدون الدليمي في صفوفها كممثل عنها في الساحة الاردنية التي كانت تعد المنفذ الوحيد للعراقيين، ولكنه لم يحرز نجاحا في عمله السياسي، ولم يتمكن من كسب أحد للحركة المعارضة، باستثناء احد اقاربه من آل معجل، الذي افترق عنه بعد حين، لان العراقيين المتواجدين في الاردن وعدد منهم كانوا معارضين للنظام الحاكم، لم يثقوا بسعدون وكانوا يرتابون منه ويعتقدون بانه عميل مزدوج، خصوصا بعد انكشاف أمر رسالة كان قد بعثها اليه من موسكو صديق له اسمه مجيد الكعود الذي تعرض الى تهديدات من السفارة العراقية في العاصمة الروسية بسبب تلك الرسالة التي باتت في حوزة المخابرات العراقية.

وفي احدى زيارات صلاح عمر العلي الى عمان في عام 1994 توسل به سعدون الدليمي لاصطحابه الى السعودية بعد ان ضاقت به وعليه السبل في الاردن، وكان له ما أراد حيث كان العلي يحظى بتقدير من المسؤولين السعوديين.

وفي السعودية التي منحته جواز سفر مؤقت، ودارا لإقامته في الرياض، وراتبا شهريا يساوي راتب عقيد شرطة في السعودية، كان أول عمل يقوم به بعد استقراره، قطع صلاته مع حركة الوفاق وانسحابه من جماعة صلاح عمر العلي، وقد اثار انتباه الأجهزة السعودية اتصالاته الهاتفية الكثيرة من أكشاك الهواتف العمومية في الشوارع والمولات التجارية، الامر الذي أدى الى استدعائه والتحقيق معه لمعرفة سر اتصالاته الخارجية ، غير انه المتمرس في التحقيقات الامنية تمكن من اقناع السعوديين بان رقم هاتفه المنزلي في الرياض مثبت في بدالة المخابرات ببغداد وتراقب اتصالاته مع أهله وأقاربه في العراق، وتبين لاحقا انه ارتبط برئيس المؤتمر الوطني احمد الجلبي الذي لا يحبذ السعوديون التعاون معه، وتبين ايضا ان الجلبي دعاه لحضور مؤتمر المعارضة في لندن اواخر عام 2002، واختياره عضوا في لجنة التنسيق مع رفيقه القديم مشعان الجبوري الذي لم يحضر المؤتمر، بعد رفض السلطات البريطانية منحه سمة الدخول.

وعقب الاحتلال الامريكي كان سعدون الدليمي أول الذاهبين الى بغداد، حيث افتتحت له وكالة التنمية الامريكية، التي توصف بانها الوجه الآخر لوكالة المخابرات الامريكية، مركزا للدراسات والبحوث واستعان بزميل دراسة سابق وهو ضابط في المخابرات يدعى محمد رضا في اصدار نشرات ملفقة عن ترحيب العراقيين بالاحتلال واستطلاعات دعائية مزورة تشيد بالامريكان وقواتهم الغازية.

وفي مقابلة له مع صحيفة (الشرق الاوسط) السعودية، نهاية عام 2003 ذكر فيها انه مهدد بالقتل من المقاومة العراقية التي ارسلت اليه رسائل تتوعد باغتياله ـ كما قال ـ ولاحقا لقى مساعده محمد رضا ونجله الكبير مصرعهما، في حين استمر سعدون بعمله في المركز وتعاونه وعلاقاته مع الامريكيين.

ويقول الاعلامي العراقي ابراهيم الزبيدي وهو صديقه في السعودية ثم في العراق عقب الاحتلال، انه وسعدون الدليمي اجتمعا في الرياض مع مسؤول سعودي بارز، رغب في الاطلاع منهما مباشرة على الاوضاع في العراق عقب الاحتلال، واذا بالدليمي ينفجر ساخطا على الشيعة ويتهمهم بانهم عملاء ايران وسيحكمون العراق بطائفية مقيتة، مما دعا الزبيدي الى التدخل وتخفيف ثورته، دون ان يدرك ان كلام سعدون مجرد مسرحية يخدع بها السعوديين ويتقرب اليهم، خصوصا وان اسرته كانت ما تزال في الرياض وتقيم في بيت حكومي وتتلقى راتبه الشهري.

وعنما شكل زعيم حزب الدعوة ابراهيم الجعفري حكومته الانتقالية مطلع 2005 فوجيء الوسط السياسي العراقي بان سعدون الدليمي اصبح وزيرا للدفاع فيها، وهو البعيد عن العسكرية، وقيل في حينه ان الجانب الامريكي أمر الجعفري بتوزيره.

ورغم الفترة القصيرة التي أمضاها الدليمي في الوزارة (تسعة اشهر) الا انه أعاد إليها عددا كبيرا من ضباط الجيش العراقي السابق أغلبيتهم من الشيعة الذين ارتبطوا بالأحزاب الشيعية وابعد الضباط السنة، وقام بعدة زيارات إلى ايران، وفي واحدة منها زار قبر الخميني وقرأ الفاتحة على روحه وهاجم الجيش العراقي ولعن شهداءه في الحرب العراقية الايرانية، حيث بدا واضحا ان سعدون غير مرجعتيه السياسية من واشنطن الى طهران.

وقد أتاح له منصبه الوزاري في حكومة يرأسها زعيم حزب الدعوة وقتئذ ابراهيم الجعفري، عقد صلات مع اقطاب الحزب امثال نوري المالكي وحسن السنيد وعبدالحليم الزهيري وعلي الاديب، وصادق ايضا رئيس المجلس الاعلى عبدالعزيز الحكيم وعددا من قادة المجلس، وهو ما شجع المالكي على اختياره وزيرا للثقافة في حكومته الثانية واضاف اليه وزارة الدفاع وكالة، ثقة به وتكريما لجهوده في محاربة السنة العرب الذين ينتسب اليهم شكليا.

والدليمي متهم باستحصال عمولات كبيرة من صفقات التسليح التي عقدها نوري المالكي مع دول عدة، من بينها صفقة الاسلحة والطائرات الروسية والجيكية، حسب شهادات الناطق السابق باسم الحكومة علي الدباغ، كما انه متهم بتحويل تخصيصات وزارة الثفافة ومن ضمنها تطوير شارع الرشيد الى وزارة الدفاع، وفق تصريحات لرئيسة لجنة الثقافة البرلمانية النائبة ميسون الدملوجي.

وقد لعب الدليمي دورا بارزا في تخريب الاعتصامات السلمية التي شهدتها بغداد والمحافظات السنية طوال العام 2013 بما يخدم أهداف حزب الدعوة وايران واجندة المالكي الطائفية، مما أدى الى نفور آهالي الانبار منه لخيانته لهم، واصطفافه مع الاطراف الشيعية وايران ضدهم.

وفي انتخابات 2014 التي ترشح فيها الدليمي عن محافظة الانبار، لم يحرز غير بضعة اصوات، ولكن التزوير الذي حصل فيها وتدخل اجهزة المالكي لصالحه باعتباره واحدا من (سنة المالكي) أوصلاه الى مجلس النواب، نائبا عن الرمادي.

حزب سعدون الدليمي ليس حزبا سياسيا، بالمعنى المتعارف عليه في الاحزاب والحركات السياسية، وانما هم مجرد (دكان) بضاعته شيعية، ومموله الاساسي نوري المالكي، والغرض من انشائه، الترويج لزعيم حزب الدعوة، وخدمة اجندته السياسية المستقبلية، ضمن ما يسمى بـ(الاغلبية)، وفي الطريق احزاب مماثلة يشكلها (ســـنة المالكي) أمثال مشعان الجبوري، وشعلان الكريم، وعبدالرحمن اللويزي  واحمد كيارة الجبوري وعبدالرحيم الشمري، والبقية تأتي تباعا وحسب (المقسوم) . 


التعليقات

إضافة تعليق

الاسم  
التعليق